كان أخرقاً في ممارسة الحب، لم يكن مقبلا بارعاً ايضا. كان يثمل من رشفة واحدة. ويعاني تكبلاً مزمناً في أمعاءه مما يجعل مزاجه نزقاً بشكل غير محتمل.
لم يجد قراءة شعر السياب. وكان ذوقه رديئاً في الموسيقى. و لم يكن قادراً على سماع الموسيقى الخفيفة التي تصدح بشكل رقيق في الخلفية.
تلك الموسيقى التي تقبع في الخلف، هي ما يجعل للسيمفونيات مذاقاً حلواً. أظن أنني مثلها، أقبع في الخلف وأصدر همهات غير محسوسة. أصدر ايقاعاً يجاهد كل يوم لأن يكون مسموعاً من قبل الصخب الذي يحيطني.
ربما لم يكن بارعاً في ممارسة الحب، ولم يكن مقبلاً بارعاً ولا سكيراً يثمل كل ليلة ليخرس رأسه. لم يكن يقرأ شعر السياب ولا يدرك الحزن الموجود في مقطوعة سوناتا القمر، إلا أنه كان قادراً على النوم، وقادراً على الكلام لساعات من غير أن يكون مهتماً حقاً إن كانت الاذن التي تقابله منصتة. كان سعيداً بوصل فراغات الهواء وغزلها بالوقت.
هناك سينما مهجورة توجد في الجزء
الشرقي من المدينة حسبما أذكر. كانت السينما تلك من أبرز معالم المدينة فيما سبق.
كان للدينار القدرة على شراء ساعة ونصف من السعادة النقية التي لا تسترد الا
بدينار آخر. الان أتصور انها أصبحت مرتعاً للمدمنين والفارين من ضجيج هذا العالم.
إن كنت بناءاً سأكون ذلك البناء
المهجور الذي غرقت جدرانه ببول مشردي المدينة وقيء ثمليها وتآوهات عاهراتها وسوائل
أجساد القوادين الذين لا يفرقون عن مشاهدي شاشات السينما لأنهم يشترون ساعة من
السعادة الخالصة أيضاً التي لا تسترد الا بنفس قيمتها. سأكون ذلك البناء المهجور
من بين كل الابنية الجميلة، لانه كان قادراً على احتواء كل ذلك الخراب والمضي
قدماً بوجوده دون أن يكترث حقاً. تماماً كالذي كان يمارس الحب بخراقة تامة.
-من اليوميات التي كتبت في الدفتر الاحمر 30-6-2016
تعليقات
إرسال تعليق