التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من مارس, ٢٠١٦

سيارة نقل الموتى \\ يوميات 2

خلق الله الكون في سبعة أيام, في اليوم الأول خلق الله النور, وفي اليوم الثاني خلق السماء, وفي اليوم الثالث خلق اليابسة والماء وفي اليوم الرابع خلق الشمس والقمر, وفي اليوم الخامس خلق الطيور وكائنات البحر, وفي اليوم السادس خلق الحيوانات ثم البشر, وفي اليوم السابع استراح, وفي اليوم الثامن خلق خندقاً يطلق عليه البشر اسم الموت (لكنه لم يخبر أحداً بذلك). لا أعلم متى خلقت هوتي قد يعود تاريخها إلى الأزل, أو إلى اليوم الثامن, أو ربما حين رأيت سيارة نقل الموتى لأول مرة وأنا في طريقي إلى المنزل حين كنت في الصف الحادي عشر. كنت عائدة من المدرسة, ورأيت هذا الموكب الكبير من السيارات التي تمشي بهدوء وتتبع بصمتٍ صوت التراتيل الصادرة من سيارة نقل الموتى. كلا, لم تكن أول مرة, لم أعد أذكر تماماً المشهد, لذاكرتي طريقة غريبة في حفظ الذكريات وإعادة تأهيلها. أذكر السيارة التي حملت تابوت جدي, لم يكن تابوته مفتوحاً لكني كلما عدت إلى هناك أراه ممداً مغمضاً عينيه ويداه متقاطعتين تتوسدان صدره. أذكر أن العائلة منعت الأطفال من الذهاب إلى المقبرة لمراسم الدفن, أذكر السيارة أمام باب المنزل, وأفواج الناس المتزاح

في غرفة الإنتظار// يوميات

الغرفة التي ترائت لي بأنها زرقاء قبل خمسة أشهر, بدت لي اليوم رمادية. الأزرق هو لون عينيه, هو لون الحبر الذي أدون به يومياتي, هو لون مدينة شفشاون التي لم أزرها بعد, هو لون الماء المالح, هو لون البحر, هو لون الدموع التي ذرفتها على جدتي, ولون موسيقى (تشيت بيكر), هو لون الكدمات التي تغطي قلبي الهزيل, هو لون كوكبنا الصغير من الفضاء, هو لون الحزن الذي رسمه فان كوخ في لوحته (ليلة النجوم) والتي علقت نسخة مقلدة مرسومة بإتقان على جدار غرفة الإنتظار. أما الرمادي فهو لون القمر, ولون مئزر مريم العذراء في أيقونتها المعلقة في ممر المنزل, ولون هواء هذه الغرفة وجدرانها, ولون وجوهنا التي مسحها الحزن, ولون قبعة الرجل الرمادي الذي  يجلس على يميني.  *.*.* تجلس مقابلي امرأة أربعينية. آثار البكاء تبدو واضحة على عيناها الذابلتين, يداها ترتجف وتحتسي الماء بجرعات صغيرة ومتفاوتة من قنينة ماء رخيصة. زوجها يمسك بيدها ويحاول أن يواسيها وأن يهدىء من روعها. ابنها يحاول أن يتصرف كرجل كبير وأن يقوم بدور "القبضاي" في مساندة العائلة الصغيرة التي انتهى مطافها في هذه الغرفة الضيقة التي سئمت من الناس

من الرسائل الحقيقية التي كتبت وأرسلت// 2

أعلم أني لم أقم بالكتابة إليك منذ أشهر ربما, لكن هذا لا يعني أن فكرة كتابة رسالة لك أرقتني طوال الفترة السابقة. لم أقم بكتابة أي شيء يذكر خلال الثلاثة أشهر الماضية ولا تتصور مدى شعوري بالإحباط والذنب إزاء ذلك.  الساعة الأن هي الثانية والنصف بعد منتصف الليل, في هذه الأوقات تحديداً, أي حينما أتأكد أن جميع من أحبهم يقبعون في أسرتهم, تنتابني رغبة محمومة في مشاهدة الأخبار والأنتحاب الشديد لحين أن تنفجر عيناي من البكاء. 5 سجائر مسروقة, وكوبان من القهوة, هم وقود هذه الليلة. لماذا كوبان قد تسأل نفسك, ربما كوبان من القهوة كفيلان بإشعالي لساعات الصباح الأولى. (وأنت على صواب).  قد تظن بأني لا أقوى على الكتابة الّان, لأن أصابعي الطويلة والمربعة ترتجف, وعلى الأغلب تظن بأني أستمع إلى موسيقى الجاز مجدداً, وبأني قد فردت حزني المعتاد على الطاولة. حاولت عدة مرات أن أباشر بالكتابة إليك إلا أنني استصعب البدايات دائماً, الصعوبة الكبيرة تكمن بأن أصف لك أفكاري المشوشة والعنيدة بعد أن أجمعها في نقطة لأباشر الحديث عنها.  ما زالت الأيام تضيع مني وتتسلل من بين أصابعي, وكلما حاولت أن أحكم قبضتي عل