التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٦

يوميات \\ 7

هي تلك الخطوات التي تخطوها في شارع لا ينتهي. ذلك النوع من المشي الذي تتحاشى من خلاله النظر الى الوجوه المحيطة بك، وتظن بأن ظهرك المحني ليس إلا كتلة من الحزن المتحجرة، وبأن جسدك شفاف. ذلك المشي السريع الذي تتحاشى فيه التنفس لأن رئتاك من كثر ما امتلئتا بالدخان والخذلان لم تعد قادرتان على مجاراتك.  ذلك القلق الذي يعلق بالقدمين كالطين.  الطين، لم أعد أعلم متى تحولت الى قطعة من طين الصلصال، أجول بين ملاءات الأسرة المتسخة أبحث فيها عن يدين دافئتين لتعيد تشكيلي. ذلك الذي سرق ظلي حين أخذني أمام عتبة الباب. يديه اللتان تسللتا من ثقب ما في النافذة، تلك البقع السوداء التي ملئت أرضية الغرفة والسرير المعدني الذي كان عارياً من كل شيء إلا من وسادة لطخت بالعرق واللعاب ورعشات الخطيئة الأولى، عن الستارة التي كانت تنسدل منها الظلال لتقضم وجهه  ثم جسده كتفاحة. لأبقى وحيدة أمام الباب بنصف ظل، وبيد ثقيلة أرتديها حول عنقي قبل أن أخلد إلى النوم كل ليلة.

يوميات \\ 6

في بهو الفندق الذي أعمل فيه, كانت امرأة ثمانينية تغازل مرشدها السياحي. كان المرشد وسيماً بوجه وديع ,شعره الأملس يثب مع حركة رأسه كلما تكلم, عيناه زرقاوان متعبتان تكشفان حقيقة أنه في متوسط الثلاثينات -إن لم يكن في أواخرها- .  كانت المرأة تتحدث معه بحماسة مضيفةً ضحكةً صغيرةً بين كل جملة والأخرى -جميعنا نتحول إلى مراهقات في هذه المواقف- ,وبما أنها كانت الليلة الأخيرةأظنها كانت قد استجمعت شجاعتها التي تأخرت في الظهور,فقدوم النهايات يُسقط الحجاب عن الجبن والكبرياء الذي نلف أنفسنا  به، والنهايات قادرةٌ على حمل أوزار الخسائر صغيرةً كانت أم كبيرة.النهايات تمنحنا فرصةالإحتيال على ذاكرتنا وتعديل المشاهد بالطريقة التي تليق مع خيباتنا والأمال التي رهنها عليها.  *.*.* قالت له "لديك وجه بريء أرغب في تقبيله تقبيله إلى الأبد" أجابها بما أشبه أن يكون رداً الياً -يكشف حقيقة أنه لم يكن منصتاً لها أصلاً- بأن المطعم الذين سيقصدونه ليس بعيداً. وأكمل حواره حول الرحلة والطقس من غير أن يكون مدركاً لجملتها.   *.*.* لا أعلم, أدون هذا المشهد في مفكرتي وأعود إليك وأضحك,متجاهلةً نهاياتنا ا

يوميات \\ 5

أجول فارغة اليدين بين الأزقة وأحاول أن ألتقط بقاياك التي خلفتها قبل أن تتلاشى من أمامي إلى الأبد. ألتقط بعضاً من رائحتك التي علقت على وسادة السرير غير المرتب الذي كان ضيقاً ليسعني وحدي لكنه كان واسعاً بما يكفي لجسدينا معًا. أتتبع آثار يدك التي رسمها الغبار على تلك الأريكة الحمراء، وألاحق ممراً رُسم من ألف قبلة تبادلناها لتقودني إلى نهاية مسدودة تليق بي. باستطاعتي اليوم أن أزرع حقلاً كاملاً من أزهار عباد الشمس وأن أدفن أسفل كل واحدة منها جزءًا من سرنا الصغير الذي يشبه يدك، يدك التي تسللت إلى متاهتي ومسدت كل الكدمات التي كانت تسد أبواب الخروج. أجول بين الغرف الفارغة محاولةً القبض على ما تبقى من أنفاسنا الضائعة، ألتقطها كما تُلتقط البتلات، وأحفظها في داخلي حيث تزهر حديقة بأكملها، حديقةً تشبه وجهاً أألفه جيداً، وجهك.