التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠١٦

يوميات \\4

ما زلت تلك الفتاة التي تختار الزاوية المنعزلة في المقهى. اختار البقعة التي تجعل من وجودي غير مرئياً للناس الغارقين في فواضهم. أجلس في صمت خفيف أراقب المارة والجالسين أرسم قصصاً عن الغرباء وأحتسي قهوتي ببطئ. أتساءل في نفسي عما إذا كنت قادراً على حفظ تفاصيلي الصغيرة، بأنني أفضل القهوة من دون وجه، بأني انتظرها بصبر لتركد وإن كنت على عجل أغسل وجه الكوب بمنديل ورقي لأرتشفه عارياً، أتساءل إن كنت تعلم أن عيار الفنجان الواحد عندي يساوي ثلاث سجائر. أتساءل إن كنت قادراً على حفظ ملامحي، تلك الشامة  الصغيرة التي ترقد فوق قرط أنفي بالضبط. أذناي الصغيرتان. شعري الذي أقصه بنفسي. أتساءل إن كنت قد وقعت في حب وحمتي الصغيرة الموجودة على ركبتي اليسرى. الندبات التي توزعت على جسدي كتذكار دائم على الانتصار، حرق على قدمي اليمنى، ثلاث ندبات خطية على ساقي اليسرى وعلى معصم يدي اليمنى. لم تكن تعي المعارك التي كنت أخوضها كل ليلة مع نفسي، تلك المعارك التي تخوضها مهزوم الجسد والروح إلا أنك تنجح بالانتصار فيها وأنت مكبل اليدين. كنت مؤمناً بالعقل،أجل، إلا أنك كنت جاهلاً بحقيقة مفادها أن العاطفة تنبع من العقل

يوميات \\ 3

كان أخرقاً في ممارسة الحب، لم يكن مقبلا بارعاً ايضا. كان يثمل من رشفة واحدة. ويعاني تكبلاً مزمناً في أمعاءه مما يجعل مزاجه نزقاً بشكل غير محتمل . لم يجد قراءة شعر السياب. وكان ذوقه رديئاً في الموسيقى. و لم يكن قادراً على سماع الموسيقى الخفيفة التي تصدح بشكل رقيق في الخلفية . تلك الموسيقى التي تقبع في الخلف، هي ما يجعل للسيمفونيات مذاقاً حلواً. أظن أنني مثلها، أقبع في الخلف وأصدر همهات غير محسوسة. أصدر ايقاعاً يجاهد كل يوم لأن يكون مسموعاً من قبل الصخب الذي يحيطني . ربما لم   يكن بارعاً في ممارسة الحب، ولم يكن مقبلاً بارعاً ولا سكيراً يثمل كل ليلة ليخرس رأسه. لم يكن يقرأ شعر السياب ولا يدرك الحزن الموجود في مقطوعة سوناتا القمر، إلا أنه كان قادراً على النوم، وقادراً على الكلام لساعات من غير أن يكون مهتماً حقاً إن كانت الاذن التي تقابله منصتة. كان سعيداً بوصل فراغات الهواء وغزلها بالوقت .  هناك سينما مهجورة توجد في الجزء الشرقي من المدينة حسبما أذكر. كانت السينما تلك من أبرز معالم المدينة فيما سبق. كان للدينار القدرة على شراء ساعة ونصف من السعادة النقية التي لا تسترد الا بدي