لم يكن صرير السرير الحديدي القديم وملاءته القذرة مزعجةً بقدر التأوهات المحتضرة التي تصدر من
جسد المجهول الذي
فوقها.
تغمض عينيها وتفكر بروحها التي صدأت أثناء محاولاتها
لإحصاء عدد التأوهات التي اضطرت لاصطناعها أثناء بحثها عنه في تلك الأسرة
الغريبة التي يتشابه جميع رجالها.
يخضها الغريب, تفتح عينيها, تحدق في ملامحه الشبقة. تمسح
بعض لطخات أحمر الشفاه عن وجهه. تصدر بعض الهمهات التي تدعي اللذة. متجاهلةً
رغبتها الشديدة للتكور حول نفسها للأبد منتظرةً الموت.
*.*.*
رائحة السجائر, والكحول والجنس تفوح من الغرفة الصغيرة المظلمة التي لا تحتوي
على نافذة -تماماً كالقبر-. "الموت موحش" تقول لنفسها والرجل ذو
التأوهات المحتضرة ما زال عالقاً في جسدها.
تغمض عينيها, تدندن ألحان مونك بصوت لا يكاد أن
يسمع, تفكر بأن حياتها تشبه مقطوعة جاز طويلة, الموسيقى تصدح من حولها وهي عالقة
في الفراغ الصامت الذي يفصل النوتة عن الأخرى.
*.*.*
المروحة المعلقة بالسقف تدور, وبدل أن تحرك هواء الغرفة
المختنق, تحرك مشاعر ثقيلةٍ في نفسها. الصدوع المنتشرة على سقف القبر تتكاثر مع كل
تأوهةٍ زائفة تصدرها.
عينيها مثبتتين على المروحة. تفكر في نفسها بأن الحياة
لا تجري بشكل مستقيم. بل بشكل دائري تماما كدوران كالمروحة.
تفكر بأن النهايات مجرد بدايات زائفة. والبدايات
ما هي إلا نهايات زائفة. نقفز من العدم إلى الوجود وهكذا دواليك. دوامة ألم لا
تنتهي من الولادة والموت. تماماً كمقطوعة جاز طويلة.
*.*.*
الرجل المجهول يلهث جنبها منتشياً على السرير الحديدي
الصدىء, هي تتكور عاريةً على نفسها تقابل الحائط الذي مزقته الرطوبة.
تغمض عينيها, وتذهب إليه, تتمدد إلى جانب
جسده العاري تحيطهما الموسيقى, تدفن رأسها العنيد في عنقه وتداعب التجاعيد الدقيقة
حول عينيه لحين أن تختفي. تحدق في الفراغ الذي يظلل سوادهما. تتبخر معه إلى العدم,
ويضيع كلاهما في تلك النقطة التي تنتهي فيها كل البدايات. ليبدأا من جديد.
... تحيطهما الموسيقى
ردحذفnice.
Jazz needs to be a long "thingy", short won't do, never!
:)
thx 4 sharing this