اذكر كيف جلسنا على حافة الطريق, و اتخذنا من الدرج الذي يتقدم شريطاً من المحال التجارية مقعداً , و جلبت
لكل واحد منا كوبا من الشاي الحلو بالنعنع,
و دخنا السجائر و تبادلنا الحديث عن مدى كرهنا للثقافة الشائعة, عن موسيقى الريجي
و شعر السياب و عن روعة الهند و, عن مطعم
البيتزا الصغير في نابولي الذي قرأت عنه ذات مرة, و العالم الذي سنكتشفه خفاياه عندما نكبر, و مستقبلنا الذي سيكون زاخراً بالتجارب
و الجنون.
*.*.*
كان ذلك اليوم من أشد لحظات حياتي سعادة و
سلاماً على الاطلاق, لعل رفقتك زادتني سعادة يومها. كُنت أُفضّل رفقتك و رفقة صمتك على الكثيرين. كان كلٌّ منا قادراً على قراءة الفوضى و الضجيح التي
سكنت رأس الأخر من دون ان يضطر احد منا الى الكلام. كنا نجول الشوارع المكتظة بمحالها و ناسها و كلانا يصارع الشخصيات المتعددة التي
سكنته, يحاور بعضها و يحارب بعضها و يسكت بعضها.
*.*.*
أحببت تلك النظارة الكبيرة التي ابتعتهاعندما
كنا معاً من البائع السوري, الذي نجحت بمساومته بعد أن ذكرت له رائحة الشام و عبق
ياسمينها و أصلي الذي ينحدر من كسب. كانت تساعدني باستراق النظر اليك من دون أن تدري, و أمعن
النظر أكثر في عيونك العسلية المخضرة, و البقع الكهرمانية التي زادتها جمالا.
و ألة التصوير التي كنت اخفي
احمرار وجنتي تحتها. و انظر اليك من ثقب العدسة و التقط لتكهمات وجهك صورة تلو
الاخرة, لأخفي ارتباكي أمامك, و أجمع شتات نفسي التي تبعثرت بين عيونك و ابتسامتك ,
و أن أتجاوز وطئةالموقف و أتمالك نفسي قبل ان تلحظ غرابة تختلف عن غرابتي المعتادة.
سوف تقبع ذكراهم في ذلك الجزء الصغير من المخ الى أن يأت ذلك اليوم الذي سوف تنطفئ به الكهرباء و تتوقف كل ماكنات المخ وقتها سوف تتلاشى ذكراهم أسرع من تلاشبنا
ردحذف